بين القصف والتهجير فلسطين في قلب المعركة ورفح في الخط الأمامي للجريمة المستمرة
في قلب قطاع غزة مدينة رفح تقف اليوم شاهدة على فصل جديد في مأساة طويلة فصل حزين ومؤلم يضاف إلى سلسلة من الجرائم التي لا تنتهي رفح التي عرفت منذ سنوات طويلة بأنها معقل الصمود الفلسطيني أصبحت اليوم ساحة جديدة لجريمة تهجير قسري مكتملة الأركان ترتكب أمام أعين العالم كله.
رفح هي رمز للتاريخ الفلسطيني شاهد على الحروب المتكررة والوجع المستمر والإحتلال الذي يسعى بكل قوته إلى إنتزاع ما تبقى من الذاكرة ومن الهوية ومن الوطن اليوم ورغم قسوة التحديات تختبر مرة أخرى قدرة الفلسطينيين على الصمود في وجه الآلة العسكرية الصهيونية التي لا تعرف إلا القتل والتدمير في وقت أصبح فيه العالم صامتاً أو بالأحرى متواطئاً مع الجريمة المستمرة.
مع إنطلاق العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023 تبددت أحلام الفلسطينيين في حياة هادئة آمنة وأصبحوا يواجهون خيارات غير إنسانية وفي هذا السياق تأخذ مدينة رفح في الوقت الراهن النصيب الأكبر من الحصار والقصف مما يزيد معاناة السكان الذين لا حول لهم ولا قوة أعداد كبيرة من المدنيين بينهم الأطفال والنساء يواجهون الموت يومياً نتيجة للغارات الجوية العنيفة بينما تركت الحدود مغلقة أمامهم والمساعدات الإنسانية تكاد تكون معدومة.
لكن المأساة الأكبر هي تهجير هؤلاء السكان قسراً وكأنهم ليسوا جزءاً من هذا الوطن بني صهيون يكملون مخططهم الرامي إلى تفريغ الأراضي الفلسطينية من أهلها وها هي رفح التي كانت يوماً ما رمزية للبطولة والصمود تتحول إلى مسرح لتهجير قسري موجه ضد أهلها.
الفلسطيني اليوم بين خيارين لا إنسانيين سواء الموت تحت القصف أو الهجرة إلى مصير مجهول لتكون النتيجة هي ضياع المزيد من الحق الفلسطيني في أرضه.
التهجير القسري في رفح الذي ينفذ في ظل الظروف الحالية هو جريمة مكتملة الأركان وفقاً للقوانين الدولية هذه الجريمة لا تشمل فقط الهدم والدمار بل تمتد إلى تغيير الهوية الفلسطينية الحقيقية التي لا يستطيع الاحتلال أن يمحوها مهما كانت أدواته الفلسطيني الذي تُجبره الظروف على مغادرة أرضه لا يرحل عن وطنه بل يأخذ معه ذاكرته ويحتفظ في قلبه بعهد لا يموت: العودة.
يجسد الإحتلال الغاشم في غزة هذه الجريمة بنمط ممنهج يتمثل في القصف العنيف وتدمير المنازل وإستهداف المنشآت الحيوية وما يثير القلق هو صمت المجتمع الدولي الذي يكتفي بالبيانات والتنديد دون أن يتخذ أي خطوات ملموسة لإنقاذ هؤلاء المدنيين الكل يتحدث عن حقوق الإنسان لكن هذه الحقوق يتم إنتهاكها على مرأى ومسمع الجميع وفي ظل تواطؤ أو صمت غير مبرر من بعض القوى الدولية التي تُحاول تبرير هذه الجريمة أو تسكت صوت الضحايا.
لا تقتصر معاناة رفح على القصف والتهجير فقط بل أيضاً على الحصار المطبق الذي يعاني منه القطاع بأسره ورغم المحاولات المتكررة لتقديم المساعدات الإنسانية إلا أن القيود المفروضة على دخول المساعدات الأساسية مثل الغذاء والدواء، تجعل الحياة في رفح أشبه بالكارثة الإنسانية المستمرة هذا الواقع يجعل الحياة غير ممكنة حيث يواجه المواطن الفلسطيني في غزة تحديات يومية تتراوح بين الجوع والمرض والقصف مما يجعل الفلسطيني في رفح في حالة من العزلة التامة عن العالم.
المجتمع الدولي رغم إدراكه لحجم الجريمة ظل صامتاً أمام هذه الإنتهاكات فحتى في الوقت الذي كانت تسجل فيه أعداد كبيرة من الشهداء والمصابين كان رد الفعل الدولي لا يتعدى التنديد الخجول مع مطالبات بضبط النفس ومع مرور الوقت أصبح من الواضح أن هناك تواطؤاً غير مباشر من بعض الدول الكبرى التي تفضل الصمت أو تصمت عمداً متغاضية عن المسؤولية الإنسانية التي تقع على عاتقهم لإنهاء هذا الوضع المأساوي.
وعلى الرغم من المحاولات المستمرة لتغيير الواقع على الأرض والتلاعب بالجغرافيا الفلسطينية لا يمكن للإحتلال أن يمحي الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني هي ذاكرة محفورة في الوجدان تحمل قصص الأرض وتاريخ الشعب وأمل العودة الذي لا يموت فمهما إرتكب الإحتلال من جرائم ومهما حاول أن يطوي صفحة هذه الأرض فإن الشعب الفلسطيني لن ينساها ولن يتنازل عن حقه في العودة إلى وطنه.
وحتى وإن حاول الإحتلال تغيير الخريطة بالنار والدم فإن الواقع يثبت أن الذاكرة الفلسطينية لا تموت ولا يمكن للمجازر والتهجير أن تسكت الحق الأرض ستظل في إنتظار أهلها فلسطين لن تختفي ومقاومة الشعب الفلسطيني لن تتوقف لأن ذلك ليس مجرد نضال في سبيل البقاء بل هو عهد أجيال لن ينجح أحد في كسره.
رغم كل الحروب والمجازر التي شهدتها فلسطين ورغم أن العالم وقفاً يشاهد هذه الكارثة الإنسانية فإن غزة ما زالت واقفة وفلسطين ما زالت حية في قلوب الملايين قد يحاول الإحتلال الإسرائيلي أن يقضي على كل شيء لكن إيمانه بعدالة القضية الفلسطينية وعزيمة شعبها سيظل في القلب وسيبقى حاضراً في كل شبر من الأرض الفلسطينية.
المصادر:
منظمة الأمم المتحدة
منظمة العفو الدولية
التسميات
مقالاتي
حسبنا الله ونعم الوكيل اللهم أنصر أهلنا بفلسطين. .
ردحذف